يُدرك المهربون التونسيون في مدينة “بنقردان” القريبة من الحدود الشرقية مع ليبيا، الخطر الذي يلاحقهم خلال عملهم في إدخال كميات من المحروقات بطرق “غير شرعية“، معتبرين أنها الطريق الوحيد لتأمين قوت يومهم في ظل ما تعانيه بلادهم من أوضاع صعبة.
في المناطق التي يعملون بها، تُبقي قوات الأمن التونسية أعينها مفتوحة على مدار الساعة، خشية من تسلل أي عناصر “إرهابية” إلى ليبيا إلى تونس، ما يشكل خطرا كبيرا على هؤلاء المهربين الذين يطلقون على عملهم مسمى “تجارة الحدود“.
وعند سماعك لمسمى “المهربين” لا يخطر لبالك أن بعض هؤلاء هم متعلمون ومن أصحاب الشهادات العليا، وقد أجبرتهم على ذلك الأوضاع المعيشية الصعبة في جنوب البلاد، إضافة إلى غياب فرص التشغيل.
ويعتبر أبناء جنوب تونس أن حكمة بلادهم تأخذ كل الثروات الموجودة لديهم، بينما تهتم بإقامة المشاريع التنموية في شمال البلاد، وهو ما يضطرهم إلى اللجوء لمثل هذه الأعمال الخطرة على الحدود مع ليبيا.
وتكررت حوادث مقتل مهربين برصاص الجيش التونسي خلال السنوات الأخيرة، حتى بات “المهربون” يفكرون اليوم بإنشاء مقبرة خاصة بشباب “بنقردان” الذين لقوا حتفهم على الحدود، حيث وصل عددهم وفق مصادر غير رسمية لأكثر من 30 شابا.
وفي الوقت الذي تطلق فيه السلطات التونسية تسمية “مهربين” عليهم، فإن هؤلاء الشبان يرفضون ذلك، محملين السلطات التونسية مسؤولية وصولهم لهذا الحال وعدك توفير مصار رزق لهم.
السلعة الأكثر تهريبا عبر الحدود هي البنزين، حيث أن أسعاره في ليبيا زهيدة جدا مقارنة بالأسعار التونسية، مقابل أنهم يقومون بتوريد سلع تموينية من بلادهم إلى ليبيا.
وبحسب إحصاءات تونسية فإن نسبة الشباب العاملين في مجال التهريب عبر الحدود وصل إلى 20% من إجمالي أعداد شباب مدينة “بنقردان“، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 80 ألفا.
وتشكل “بنقردان” مصدر تموين غير رسمي لغرب ليبيا، خاصة بعد الإطاحة بنظام القذافي عام 2011، وما تلاه من اضطرابات أمنية، وهو الأمر الذي شجع المهربين للعمل بين البلدين.
كل ذلك يتم رغم حفر تونس لخندق على كامل الحدود مع ليبيا والبالغة 250 كم، بحجة حماية الحدود من “تسلل الإرهابيين وتهريب السلاح من ليبيا“.
وأُعلن الشريط الحدودي بين تونس والجزائر وليبيا عام 2013 بأنه منطقة عسكرية عازلة، لا يُسمح الدخول إليها إلى عبر تراخيص تمنحها السلطات.
المصدر : https://wp.me/p7OzFY-ih